سورة يونس - تفسير أيسر التفاسير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (يونس)


        


{هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (22)}
{لَئِنْ} {الشاكرين}
(22)- وَاللهُ تَعَالَى هُوَ الذِي وَهَبَ النَّاسَ القُدْرَةَ عَلَى السَّيْرِ فِي البَرِّ مُشَاةً وَرُكْبَاناً، وَفِي البَحْرِ بِمَا سَخَّرَ لَهُمْ مِنَ السُّفُنِ وَالمَرَاكِبِ (الفُلْكِ)، وَهُوَ الذِي يَحْفَظُهُمْ وَيَكْلَؤُهُمْ بِعِنَايَتِهِ وَرِعَايَتِهِ، حَتَّى إِذَا كَانُوا فِي السَّفِينَةِ، وَجَرَتْ بِهِمْ إِلَى غَايَتِهَا بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ مُوَاتِيَةٍ، وَفَرِحُوا بِسُرْعَةِ سَيْرِهَا رَافِلِينَ سُعَدَاءَ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَتِ السَّفِينَةَ رِيحٌ شَدِيدَةٌ عَاصِفَةٌ، وَأَحَاطَ بِهِمُ المَوْجُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، فَظَنُّوا أَنَّهُمْ هَالِكُونَ، فَأَخَذُوا يَدْعُونَ اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لا يُشْرِكُونَ بِهِ شَيْئاً، وَلا يَدْعُونَ مَعَهُ صَنَماً وَلا وَثَناً، وَيُفْرِدُونَهُ بِالدُّعَاءِ وَالابْتِهَالِ، وَيَقُولُونَ يَا رَبِّ إِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنَ الحَالِ التِي نَحْنُ فِيها لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ، وَلَنَكُونَنَّ مِنَ المُخْلِصِينَ فِي عِبَادَتِكَ، وَلَنْ نُشْرِكَ بِكَ أَحَداً، كَمَا أَفْرَدْنَاكَ بِالدُّعَاءِ.
رِيحٌ عَاصِفٌ- رِيحٌ شَدِيدَةُ الهُبُوبِ.
أُحِيطَ بِهِم- أَحْدَقَ بِهِم الهَلاكُ.


{فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (23)}
{أَنجَاهُمْ} {ياأيها} {مَّتَاعَ} {الحياة}
(23)- فَلَمَّا أَنْجَاهُمُ اللهُ تَعَالَى مِمَّا نَزَلَ بِهِمْ، مِنَ الشِّدَّةِ وَالكُرْبَةِ، نَقَضُوا عَهْدَهُمْ، وَعَادُوا إِلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الإِفْسَادِ فِي الأَرْضِ، وَمُبَادَرَةِ النَّاسِ بِالظُّلْمِ وَالبَغْيِ وَالاعْتِدَاءِ بِغَيْرِ حَقٍّ.
وَيُخَاطِبُ تَعَالَى هَؤُلاءِ المُفْسِدِينَ الطُّغَاةَ وَيَقُولُ لَهُمْ: يَا أَيُّهَا الغَافِلُونَ عَنْ أَنْفُسِكُمْ أَمَا كَفَاكُمْ بَغْياً عَلَى المُسْتَضْعَفِينَ مِنْكُمْ اغْتِرَاراً بِقُوَّتِكُمْ؟ إِنَّكُمْ فِي الحَقِيقَةِ إِنَّمَا تَبْغُونَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ، لأنَّ عَاقِبَةَ بَغْيِكُمْ وَوَبَالَهُ إِنَّمَا يَعُودَانِ عَلَيْكُمْ، وَإِنَّكُمْ إِنَّمَا تَتَمَتَّعُونَ بِبَغِيِكُمْ مُدَّةَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا الزَائِلَةِ، وَهِيَ تَنْقَضِي سَرِيعاً، وَالعِقَابُ عَلَى هَذا البَغْيِ بَاقٍ ثُمَّ تَصِيرُونَ إِلَى اللهِ فَيُخْبِرُكُمْ بِجَمِيعِ أَعْمَالِكُمْ، وَيُجَازِيكُمْ عَلَيْهَا أَوْفَى الجَزَاءِ. فَمَنْ وَجَدَ خَيْراً فَلْيَحْمِدِ اللهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلا يَلُومَنَّ إِلا نَفْسَهُ.
يَبْغُونَ- يَعْتَدُونَ وَيُفْسِدُونَ.


{إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24)}
{الحياة} {أَنزَلْنَاهُ} {والأنعام} {قَادِرُونَ} {أَتَاهَآ} {فَجَعَلْنَاهَا} {الآيات}
(24)- ضَرَبَ اللهُ تَعَالَى مَثَلاً لِلْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي جَمَالِهَا وَبَهْجَتِهَا، ثُمَّ فِي سُرْعَةِ فَنَائِهَا، بِالنَّبَاتِ الذِي أَخْرَجَهُ اللهُ تَعَالَى مِنَ الأَرْضِ بِمَا أَنْزَلَهُ عَلَيْهَا مِنَ المَطَرِ، مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ مِنْ زُرُوعٍ وَثِمَارٍ عَلَى اخْتِلافِ أَنْوَاعِهَا وَأَصْنَافِهَا، وَمِمَّا تَأْكُلُ الحَيَوَانَاتُ (الأَنْعَامُ) حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الأَرْضُ زِينَتَهَا الفَانِيَةَ (زُخْرُفَها) وَازَّيَّنَتْ بِمَا خَرَجَ فِي رُبَاهَا مِنْ زُهُورٍ نَضِرَةٍ مُخْتَلِفَةِ الأَشْكَالِ وَالأَلْوَانِ، كَمَا تَتَزَيَّنُ العَرُوسُ لَيْلَةَ زَفَافِهَا، وَظَنَّ أَهْلُهَا، الذِينَ زَرَعُوهَا وَغَرَسُوهَا، أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَى جَزَازِهَا وَحَصَادِهَا، وَجَنْيِ ثِمَارِهَا، وَالتَّمَتُّعِ بِهَا، فَبَيْنَمَا هُمْ يَأْمُلُونَ ذَلِكَ إِذْ جَاءَتْهَا صَاعِقَةٌ، أَوْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ بَارِدَةٌ فَأَيْبَسَتْ أَوْرَاقَها، وَأَتْلَفَتْ ثِمَارَها، فَأَصْبَحَتْ كَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ حِيناً قَبْلَ ذَلِكَ، وَهَكَذا يُبَيَّنُ اللهُ الحُجَجَ وَالآيَاتِ، لِقَومٍ يَتَفَكَّرُونَ، فَيَعْتَبِرُونَ بِهَذَا المَثَلِ، فِي زَوَالِ الدُّنْيَا عَنْ أَهْلِهَا سَرِيعاً، مَعَ اغْتِرَارِهِمْ بِهَا.
مَثَلُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا- حَالُها فِي سُرْعَةِ زَوَالِهَا وَانْقِضَائِهَا.
زُخْرُفَهَا- نَضَارَتَهَا وَبَهْجَتَهَا وَزِينَتَهَا بِأَلْوَانِ النَّبَاتِ.
أَمْرُنا- مَا يَجْتَاحُهَا مِنَ الآفَاتِ وَالعَاهَاتِ.
حَصْيداً- كَالنَّبَاتِ المَحْصُودِ بِالمَنَاجِلِ.
كَأَنْ لَمْ تُغْنِ بِالأَمْسِ- كَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ حِيناً قَبْلَ ذَلِكَ.

4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11